دور المرأة- مفتاح للسلام والرخاء في العالم العربي والإسلامي

المؤلف: بشرى فيصل السباعي11.10.2025
دور المرأة- مفتاح للسلام والرخاء في العالم العربي والإسلامي

ألقى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، بوريس جونسون، خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تحليلاً بارزاً لأسباب الحرب الروسية على أوكرانيا، مصرحاً بأنه "لو كان الرئيس بوتين امرأة، لما أقدم على شن هذه الحرب العنيفة والمجنونة، التي تتسم بالغطرسة الذكورية والغزو والاعتداءات الوحشية". وأضاف جونسون أن هذا الأمر "يؤكد أهمية تعليم الفتيات في جميع أنحاء العالم، وزيادة مشاركة النساء في المناصب القيادية وصناعة القرار". هذا التصريح يسلط الضوء على سبب إصرار الدول الغربية على الدول العربية والإسلامية التي تعاني من ويلات الحروب والإرهاب لإشراك المرأة في الشأن العام ومواقع صنع القرار. فالدافع وراء ذلك ليس ما تزعمه نظريات المؤامرة من التآمر على عفة المرأة المسلمة وإضعاف المسلمين، بل هو نتاج دراسات علمية نفسية واجتماعية متعمقة حول طبيعة الجنسين. فذكور الحيوانات والبشر منخرطون باستمرار في صراعات على السلطة وغزو مناطق النفوذ، حيث تحدد الذكور مناطق نفوذها عن طريق نشر إفرازات جسدية على الحدود. بالمقابل، فإن إناث الحيوانات، حتى في الفصائل المفترسة، لا تشارك في الحروب والصراعات على السلطة داخل المجموعة أو الحروب على مناطق النفوذ. فالوداعة والمسالمة صفة ملازمة للقطبية المؤنثة في كل من البشر والحيوانات، بينما الذكورية هي الدافع الرئيسي للحروب والصراعات. لكن لماذا لم تصبح الدول التي تخوض حروباً عدوانية باستمرار، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر سلماً رغم تولي النساء مناصب قيادية فيها؟ يكمن جوهر المشكلة في أن المنظومة السائدة تقمع أي رأي مخالف للأنماط الذكورية. فمشاركة النساء يمكن أن تجعل العالم أكثر سلاماً وسعادة فقط إذا سمحت المنظومة السائدة لهن بالتعبير الحر عن وجهة نظر القطبية المؤنثة، التي تميل إلى حل المشاكل والصراعات عن طريق الدبلوماسية والحوار، كما فعلت الملكة بلقيس مع النبي سليمان. فالقطبية المؤنثة لا تؤيد خوض حروب عدوانية لأجل النفوذ، بل تفضل سياسات الحوار والتفاهم المتبادل والتعاون البناء. لذا، فإن ما سيصلح العالم ويجعله مكاناً أفضل وأكثر أمناً، وينهي همجية الحروب والإرهاب، ليس فقط مشاركة النساء في الشأن العام ومواقع صنع القرار، بل أيضاً السماح لمنظور القطبية المؤنثة بأن يكون له مواقف ورؤى تخالف التوجهات الذكورية النمطية. وتعد الدول الإسكندنافية، التي تتصدر قوائم السعادة والرفاه والأمان والنزاهة، مثالاً حياً على حالة الدول عندما تسودها القطبية المؤنثة، التي تتجسد في صفات المسالمة والديمقراطية/الشورى والدبلوماسية والمرونة وحس العناية والرفاه والحياة الكريمة والتعاون. بالمقابل، تتمثل القطبية المذكرة في صفات حب السلطة والتسلط وفرض الهيمنة والصراع والمنافسة والاستبداد والتصلب والتعصب والتفرد. والوضع المثالي هو حضور القطبيتين، المذكرة والمؤنثة، في الشأن العام وصنع القرار بشكل متوازن ومتكافئ وحر. إن غياب القطبية المؤنثة، أو بالأحرى تغييبها، يؤدي تلقائياً إلى الغلو والتطرف الذكوري السام والضار بالجميع. هناك دول تسودها الثقافة الذكورية، مثل اليابان، لكن القوانين التي وضعت لها في أعقاب الحرب العالمية الثانية منعتها من الانزلاق إلى أنماط الذكورية السامة، مثل منع مشاركتها في الحروب الخارجية، وفرض الديمقراطية. وقد أجبر هذا اليابان على تبني أنماط القطبية المؤنثة، أي توجيه مواردها لرفاه الإنسان والحياة الطيبة بدل الحروب وصراعات السلطة والهيمنة التي كانت مهووسة بها. لذا، لن تتحسن أوضاع العالم العربي والإسلامي من جميع النواحي، وبخاصة على صعيد إخماد نيران الحروب والإرهاب، إلا بمشاركة النساء في الشأن العام وصنع القرار مع منحهن الحرية الكاملة لاتخاذ قرارات نابعة من القطبية المؤنثة ومعارضة للتوجهات السلبية للذكورية. مع الأخذ في الاعتبار أن النساء قد يخضعن لقولبة على نمط الذكورية المتطرفة حتى يصبحن ذكوريات/مسترجلات لهن مواقف معادية لبنات جنسهن وحقوقهن وضد مبادئ القطبية المؤنثة، بحيث لا يختلف دورهن عن دور الرجال، وبالتالي لن تكون هناك فائدة من مشاركتهن في الشأن العام وصنع القرار.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة